تابعوني على فيس بوك

الجمعة، 3 أكتوبر 2008

رحلة العذاب



"ركبت الأتوبيس اليوم ذاهبة إلى الجامعة"
هذه الجملة مكونة من بضع كلمات قليلة، ولكنها تحمل في طياتها مأساة كاملة. لقد بدأ الأمر بتعطل سيارة أبي وإرسالها للتصليح، وقد كان يحرص علي اصطحابي بها كل يوم من وإلي الجامعة منذ التحاقي بها هذا العام، وعلي الرغم من أنه لم يبغ بذلك إلا راحتي إلا إنني ضقت بالأمر، واعتبرته محاولة من أبي لمصادرة حريتي ومراقبة تحركاتي، لذلك لم تكد السيارة تتعطل حتى أخبرت أبي بأني سأذهب إلى الجامعة بمفردي هذا الصباح، وقد عرض علي أن يوصلني بسيارة أجرة، ولكني رفضت لأنه كانت بي رغبة في الاعتماد علي نفسي وخوض تجربة جديدة كالذهاب إلى الجامعة بالأتوبيس مثلا كجميع زملائي الذين لا يمتلكون سيارة وكانوا ينعتونني دائما بالمدللة لأن أبي يوصلني بسيارته كل يوم.
وبالفعل، ذهبت إلي محطة الأتوبيس وانتظرت حتى أتى الأتوبيس الذاهب إلى الجامعة ... لم يكن شديد الازدحام، فقد كان يحوي ما يقرب من مائة راكب فقط ! ولم يكد يتوقف في المحطة حتى اندفع طوفان من البشر – وأنا معهم – نحوه، واندفع طوفان آخر من داخل الأتوبيس للنزول واشتبك الجانبان... لم أدر ماذا حدث بالضبط ولكن في النهاية وجدت نفسي داخل الأتوبيس وسط حشود من الركاب، والكمساري الهمام يشق طريقه بينهم بشكل أشبه بالمعجزة لقطع التذاكر .. حاولت بكل جهدي أن أتجنب الاحتكاك بأي من الركاب ولكني فشلت فشلا ذريعا، فقد تكدسنا جميعا داخل الأتوبيس كقطع السردين داخل علبة من الصفيح الصدئ وأصبحنا كتلة واحدة، وما إن يتوقف الأتوبيس في أي محطة حتى نندفع جميعا بفعل القصور الذاتي ساقطين فوق بعضنا البعض، ويتعالى الصياح، ويندفع عدد آخر من الركاب صاعدين إلي الأتوبيس مع بعض الباعة الجائلين ببضاعتهم المختلفة (سجائر – دبابيس – أمشاط – حلوى ...الخ) وشيئا فشيئا انعدم الأكسجين تقريبا داخل الأتوبيس، فحتى النوافذ المفتوحة كانت مسدودة عن آخرها بالأجساد مما منع الهواء من الدخول، وأصبحت أتنفس بصعوبة وشعرت كأنني سأذهب في غيبوبة عميقة، واختلطت الأصوات في أذني: صياح الباعة .. بكاء طفل تحمله أمه .. لعنات يصبها السائق علي السائرين في الطريق.. الخ.
باختصار استغرقت الرحلة إلى الجامعة ما يقرب من الساعتين، ولكم أن تتخيلوا هيئتي عند الوصول، فحينما دخلت الكلية توقع جميع زملائي أنه قد وقعت لي حادثة مروعة ، فقد كنت مشعثة الشعر، مهلهلة الثياب، زائغة العينين كمن خرج على التو من معركة حامية الوطيس . ودخلت إلي قاعة المحاضرات وأنا أجر قدميّ من التعب لأحضر المحاضرة الثانية بعد أن فقدت الأولى لوصولي بعد انتهائها... وحاولت أن استجمع قواي وأركز فيما يلقيه علينا المحاضر و....
وفجأة سمعت من يصيح " أوقظوا تلك النائمة !!" وشعرت بيد تهزني بقوة، فانتفضت بسرعة، وعلت وجهي حمرة الخجل حينما اكتشفت أن النوم قد غلبني داخل قاعة المحاضرات، وبالطبع طُردت من المحاضرة.
وبمجرد عودتي إلى المنزل، أسرعت إلي أبي وسألته في لهفة:
"هل تم إصلاح السيارة؟ "
ولن أخبركم كم شعرت بالارتياح حينما أجابني بالإيجاب !!
لقد كانت تجربة لن أنساها مدى الحياة .. و كان الله في عون راكبي الأتوبيسات!!

هناك 24 تعليقًا:

محمد العدوي يقول...

مبروك المدونة ..

وان شاء الله تبقى تجربة تزيدك ثراء .. وتحفظ لك افكارك .. ما يعني ان تحفظ لك حياتك ..


وكل سنة وانت طيبة
:)

غير معرف يقول...

يا بنتي أتوبيس إيه ؟ حرام عليكي تركبي الأتوبيس لأحسن تروحي مع اللي راحوا بحرب الاستنزاف ..

:)

الوردة البيضا يقول...

الأستاذ / محمد العدوي
أهلا بك وسهلا على صفحات مدونتي الوليدة.
شرفتني ونورتني وأتمنى ألا تبخل عليّ بوقتك وملحوظاتك كلما أمكن.
وكل سنة وانت طيب

الوردة البيضا يقول...

أحمد باشا
حمد الله على السلامةويا رب تكون قضيت أجازة سعيدة.
يا ترى جربت مرة تركب الأتوبيس بتاعناالحلو ده؟

La RoSe يقول...

السلام عليكم

عجبتني مدونتك ومحاولاتك للاجتهاد في الكتابة

تحية لك ... وحظ موفق

بس أتوبيس مرة واحدة؟
دي مش آخر وسيلة مواصلات في الكون ممكن أركبهاوبس دي يستحيل أركبها حتى لو هنتقل سيراً على الأقدام،وبعد وصفك ده بالذات يبقى الله الغني :)

والله يكون في عون راكبي الأتوبيسات

كل سنة وانتي طيبة

وتحياتي

الوردة البيضا يقول...

la rose
كل سنة وانت بألف صحة وسلامة يا قمر. أشكرك على زيارتك وأتمنى تكرريها، وياستي سيبي الأتوبيسات لأصحابها الله يكون في عونهم.
على فكرة زرت مدونتك "بأيهم اقتديتم" وعجبتني جدا
مرسي وفي انتظارك دايما

La RoSe يقول...

السلام عليكم

مرحباً عزيزتي

شكراً لمرورك بمدونة "بأيهم اقتديتم"هي مدونة مشتركة بيني وبين بعض صديقاتي وهم صراحة اللي بيكتبوا أغلب الموضوعات ربنا يجازيهم خير

مبسوطة أوي إنها عجبتك وهيسعدنا إنك تتابعينا بإستمرار،إن شاء الله هيبقى في جديد قريب ...

واسمحيلي أهديكي تاج ،هتلاقيه آخر بوست في مدونتي هنا
http://heart-of-the-rose.blogspot.com/

مستنية إجاباتك :)

تحياتي

شفـقــة و إحســــان يقول...

ربنا يكون فى عون الناس الا ما عندهومش الا الوسيلة دى الاوتوبيسات
وتعيشى وتاخدى غيرها
كل سنة وانتى طيبة
شفقة

الازهرى يقول...

عزيزتى الوردة البيضاء

لا اعرف ايت هذا الاتوبيس الذى تتحدثين عنه فانا دائما اركب الاتوبيس من والى الجامعة ويكون كل راكب جالس فى مكانه والهواء نظيف والمعاملة جيدة والمواعيد منضبطة والحالة ممتازة وكل شىء طبقالميثاق حقوق الانسان


تحياتى على الموضوع
وانتظر رد الزيارة والا ارسلت بموضوعك لمجلس الامن وطلبت انعقاد الجمعية العمومية للامم المتحدة

mohamed ghalia يقول...

تعرفى أنا تخضيت قوى لما قلتى انى الأتوبيس مكنش زاحمة بس الحمد لله لحقت وكملت قراءة.
كل سنة وحضرتك طيبة
ومبروك المدونة
تقبلى تحياتى

ojg يقول...

ممممم
الجيل الجديد ده فاهم التعليم بالساهل
لازم يا امي تتعذبي
وتشدي في شعرك اكتر واكتر
:))
بعد الشر عليكي يا حبيبتي
بهزر والله
والف مبروك تصليح عربية بابا
عقبال ما يجيبلك عربية وترتاحي خالص وتريحيه
:))

الوردة البيضا يقول...

الأخت la rose مرة تانية
مرسي يا جميل على التاج. أنا دخلت بالفعل وشوفت الأسئلة، وحأجاوب عليها في القريب العاجل إن شاء الله.
تحياتي ليكي ولصديقاتك في مدونة "بأيهم اقتديتم"

الوردة البيضا يقول...

شفقة هانم واحسان بيك
أنا دخلت المدونة بتاعتكم واتلخبطت جدا... يا ترى اللي بيكتب 2 فعلا والا واحد بس؟
مرسي على المرور الكريم وأرجو تكرار الزيارة مئات المرات.
وشكرا

الوردة البيضا يقول...

عزيزي الأزهري
دمك خفيف جدا، وطبعا حارد الزيارة إن شاء الله.. أنا مش اد مجلس الأمن يا عم، ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم.
مرسي على زيارتك الجميلة وأرجو ما تكونش مرة وتعدي
سلام مؤقت

الوردة البيضا يقول...

الأستاذ / محمد إبراهيم
حللت أهلا ونزلت سهلا. الله يبارك فيك يا باشا، وكل سنة وانت طيب
ويا رب نشوفك تاني وتاني
والسلام...

الوردة البيضا يقول...

ojg
أهلا بيكي يا قمر نورتينا والله
في الواقع هي مسألة التعليم دي كبرنا عليها شوية، بس ماشي
انت صدقتي والا ايه؟؟ دي قصة بس كتبتهالكم عشان تعرفوا حال المعذبون في الأرض من عامة الشعب، وتدعولهم معايا الله يكون في عونهم.
:)
وبس

masrawyasly يقول...

السلام عليكم
الحقيقه . . انك رغم قسوة وصفك لرحلة المعاناه الى الجامعه فى الاتوبيس فأن هذا الوصف لايرقى الى ما يحدث فعلا من اهدار لادمية البشر خاصة الجنس الذى كان فى الماضى يطلق عليه الجنس اللطيف !
اما الميكروباس فحدثى ولاحرج . . وهمه يعنى راكبى التاكسى . . وحتى الملاكى لايعانون ؟ ؟ ! دربى نفسك ياعزيزتى الورده البيضاء على اننا بتنا فى زمن المعاناه حتى لاتصابى بجميع الامراض النفسى منها والعضوى وربما الجلدى - لاسمح الله - وانتم ايها المعلقون على هذا الموضوع
فأماانكم تعلمون وتريدون التخيف من معاناة صديقتكم كاتبة الموضوع واما انكم لاتعيشون فى مصر 2008 ! !
تحياتى للجميع .

wafaa يقول...

احييى جرائتك وحزمك فى اخذ قرار زى ركوب الاتوبيس

تقبلى مرورى
وفاء

الوردة البيضا يقول...

الأخ مصري
شكرا على المرور الكريم، وطبعا لا يخفى على أحد الأزمة التي تعيشها مصر على جميع المستويات في أيامنا هذه.
ربنا يستر ويعديها على خير
تحياتي

الوردة البيضا يقول...

الأخت وفاء
أهلا بيكي دايما، وقد حاولت في الواقع رد الزيارة لك على مدونة (شوية كلام)لكن للأسف لم يكن مصرحا لي بالدخول!!
ولكني لم أياس وزرتك على (story of life)حيث وجدت كلماتك الرقيقة التي تتضامن مع الوان المدونة والصور الموجودة بها لمنح طابع غاية في الرومانسية.
تحياتي لك، وأتمنى أشوفك دايما

غير معرف يقول...

السلام عليكم
فعلا الأوتوبيس ده معاناة حقيقية ..
والحقيقة إنى أحيانا بحب أركب الأوتوبيس فعلا علشان أعايش معاناة الشعب وأشوف قد إيه بيتعبوا ويتبهدلوا عشان لقمة العيش والتعليم والحاجات الضرورية دى .. ربنا يكون فى عون عامة الشعب البسطاء وأنا بهذه المناسبة أحيى صاحبة القصة اللى مرت بالتجربة العصيبة دى وأهنيها على المدونة وأتمنى لها كل توفيق وأدعوها إنها تعمل زيى وتنأى بنفسها عن مثل هذه الأفعال المتدنية ومخالطة الناس والحاجات دى وياريت لو تعمل زيى وتتشعبط على ظهر الأوتوبيس .. أريح ومن غير زحمة والهواء بيرد الروح ..
والسلام

BlackSharke يقول...

ههههههههههههه
رحلة الاتوبيس هي أفطار الملايين من سكان بلدنا المحروسة
ولايكتمل يومنا الا يخناقة من خناقات الاتوبيس
للأسف لم يكن عندنا بابا مالك السيارة الذي يرحمنا من هذة المعاناة بابا بتاعنا باع السيارة وكل أمل لنا في الهروب من أتوبيس الحياة
كان معكم الموظف المطحون
أتوبيس 175 رايح جاي

الوردة البيضا يقول...

تامر أفندي
شكرا على زيارتك اللطيفة، ويا رب تعجبك كل محتويات المدونة الحالية والقادمة إن شاء الله

الوردة البيضا يقول...

black shark
دمك خفيف جدا. نورت المدونة وأنتظر كتاباتك على مدونتك الخاصة.
أهلا بك في أي وقت
وتحياتي