تابعوني على فيس بوك

الأحد، 13 ديسمبر 2009

يوميات شاب موكوس.. برافو عاطف



كما هي عادتي كلما عدت إلى هنا، يجب أن أبدأ بالاعتذار لكل من يشرفني بالحضور لمدونتي العزيزة ويكتشف غيابي عنها منذ فترة.
جئت هذه المرة لأبارك لزميلي وصديقي الموهوب أحمد عاطف مجاهد على صدور كتابه الأول "يوميات شاب موكوس"، الذي صدر مؤخرا عن دار مريت ويباع حاليا بمقر الدار، على أن يصدر قريبا جدا بالمكتبات إن شاء الله.
الكتاب عبارة عن أشعار باللهجة العامية، وأهم ما يميزه هو سهولة وبساطة لغته ومفرداته مما سيفتح أمامه آفاقا واسعة من النجاح بإذن الله لأنه سيصل بسهولة لفئات أصبحت بعيدة عن الكتب والقراءة لجهلها في كثير من الأحيان - للأسف- باللغة العربية الفصحى.
لن أتحدث هنا بالتفصيل عن أشعار الكتاب، لأني أفردت لها مقالا خاصا في باب "كتاب جديد" الذي أتشرف بتحريره على موقع جودنيوز، ويمكنكم قراءته على اللينك التالي:
http://www.gn4me.com/gn4me/details.jsp?artId=3704856&catId=54188&sec=lifestyle
وللحصول على تفاصيل أكثر عن الشاعر وكتابه، يمكنكم زيارة موقع الكتاب وهو:
www.mawkoos.com
ألف مبروك لأحمد عاطف مجاهد، وإليكم إحدى "وكساته":
آخر سيجارة...
يا خسارة
أنا أصلي بدخن من فترة
وشفايفي دايما محتارة
عايزة تبطلها ومش قادرة
فكرت اكتب عهد عليا
إن دي آخر سيجارة ليا
وقلبت الشقة على ورقة
ملقيتشي غير ورقة بفرة

الثلاثاء، 22 سبتمبر 2009

إليك في يوم ميلادك


مدونتي العزيزة

إليك أكتب رسالتي هذه في الساعات الأولى من عامك الثاني. عيد ميلاد سعيد.

أتعلمين يا مدونتي العزيزة؟ قدر سعادتي بمرور عام كامل على إنشائك، فإن سعادتي ازدادت لأن عيد ميلادك العزيز قد حفزني بل ودفعني دفعا إلى العودة لصفحاتك الغالية لأهنئك، وأتواجد مرة أخرى بين أصدقائي وأصدقائك الأعزاء، وأعتذر لك ولهم عن فترات غيابي الطويلة.

صدقيني يا عزيزتي لا أشعر بالسعادة أثناء غيابي عنك، بل يملأني الحنين والاشتياق للكتابة والتفاعل مع الأصدقاء، لكنها حالة الإنهاك الذهني الرهيب التي تنتابني من ضغط العمل الرهيب الذي يستنزف جل وقتي، ويجعلني أمر في أحيان كثيرة بما يمكنني أن أطلق عليه brain cloud ، وهو الاسم الذي استعرته من فيلم توم هانكس الشهير "Jo Versus The Volcano".

في مثل هذه الحالة أشعر بالعجز عن فعل أي شيء إلا ما أنا مجبرة على فعله، وما أدين به لكل عزيز... تماما كما حدث اليوم.

ما أريد قوله لك با ختصار يا عزيزتي: أرجو ألا تغضبي مني كلما طال غيابي، واطلبي من كل أصدقائي أن يتحملوا صديقتهم الكسولة كثيرة الاختفاء لسبب واحد هو أني أحبك وأحبهم جميعا.

قبل أن أنهي رسالتي هذه يجب أن أشكر كل من سأل عني وتواصل معي بمنتهى الود من الأصدقاء، وعلى رأسهم الصديق الأزهري، والمبدعة شيماء زايد، والمشرقة شمس النهار.

ويا رب أرجع لكم قريبا بقصة جديدة تعجبكم

عيد ملاد سعيد يا مدونتي

وعيد فطر سعيد يا كل أصدقائي

الجمعة، 10 يوليو 2009

السؤال الحائر



تركت أهلها يجلسون على أحد شواطيء مطروح الجميلة، وارتدت قبعتها وثبتت سماعات الـ MP3 في أذنيها، ثم أدارت ظهرها للشمس الساطعة، واتخذت طريقها بمحاذاة البحر كعادتها في كل يوم من أيام المصيف.
أخذت تضرب الرمال الناعمة النظيفة بقدميها، وتتأمل المياه الصافية الشفافة في إعجاب وانبهار، بينما يختلط صوت الأمواج العالي بصوت فيروز الملائكي في أذنيها ليصنعا معا سيمفونية خالدة.
تجاوزت في سيرها تقريبا كل المقاعد والشمسيات والأجساد، وهي تتأمل المياه وتسبح عظمة الخالق العظيم تارة، أو تلعب بقدميها مع الأمواج في محاولة للإحساس بالمرح تارة أخرى حتى وجدت أثناء سيرها صخرة كبيرة منفردة على طرف المياه ولا أحد حولها على مرمى البصر، فجلست.
انتهت فيروز من شدوها، ليعلو صوت أفكار الفتاة الذي طالما اجتهدت لإسكاته.....
قفز إلى ذهنها وجه من الماضي... لم تره منذ سنوات عديدة، لكنه لم ينمح أبدا من ذاكرتها بسمرته المحببة، وشموخه وكبريائه...
لم تتوقف لحظة عن الانبهار به والنظر إليه كبطل طوال الفترة التي عرفته خلالها، لكنها لم تجرؤ أبدا على التصريح بذلك، وظلت معرفتهما سطحية حتى انتهت الظروف جمعتهما معا.
كانت وقتها تمر بظروف نفسية واجتماعية تضغط على أعصابها بشدة وتجعلها بحاجة لمن يبادر باقتحامها ومحو حزنها، وكانت تعلم في الوقت نفسه أن شخصا في ظروفه في الغالب سينتظر من تقترب منه وتعلن اهتمامها، ولكم فكرت في ذلك، لكنها خشيت أن يسيء فهمها ... أن يظن أن اهتمامها ليس سوى إشفاق أو إعجاب بإصراره، أو أن ينظر إليها باعتبار أنها تريد استغلاله أو تطمح في أن تقرن اسمها بما حققه هو من نجاح. وكانت دوافعها أبعد ما تكون عن كل ذلك...
كانت بحاجة لقوته التي قد يراها الآخرون ضعفا... كانت تستمد منه تلك القوة وذلك الإصرار على الحياة والنجاح رغم عدم التواصل بينهما... رؤيته كانت دائما تمنحها دفعة للأمام وتساعدها على احتمال كل الظروف الصعبة التي تحيط بها، وتحفزها لتخطيها وتحويلها للأفضل.
كم عانت من غدر الآخرين وبرود مشاعرهم وتحجر قلوبهم... وفي رؤيته كانت ينابيع الحنان تتفجر في قلبها... كانت تشعر أنه قد يكون في أمس الحاجة للحب والحنان والتقدير، مثلها تماما، وأنه قد يختلف عن الآخرين لأنه كبير وعظيم من داخله، ومثله بالتأكيد سيقدر من يحبه ويحمله بقلبه طوال عمره... هكذا كانت تراه.
لن تنسى أبدا يوما رأت فيه أحد عكازيه يسقط فجأة ليفقد هو توازنه ويسقط على الأرض... يومها كادت صرخة عالية تفلت من بين شفتيها وهي تتمنى لو كانت هي عكازه الذي لا يميل به أبدا، ولا يتخلى عنه لحظة واحدة، واندفعت إليه وحاولت معاونته، إلا أن خجله وكبرياؤه منعاه من أن يرى اهتمامها وجزعها الحقيقي عليه... وقبل أن تصل يدها إليه لتعاونه على الوقوف، وجدته يتناول عكازيه ويستعيد توازنه بسرعة ورشاقة ليقف شامخا شاكرا إياها ، ومكملا طريقه في عجلة!
بعد مضي بضع سنوات كانت ظروفها قد تحسنت قليلا، لكنها كانت لا تزال على أول درجات سلم النجاح الذي رسمته لنفسها، وكانت المعاناة لا تزال تحفر ملامحها على وجهها عندما قابلته صدفة في محطة مصر، حيث توقف وسلم عليها وسألها عن أحوالها. كانت في منتهى السعادة لأنه لا يزال يذكرها، لكن ارتباكها وخجلها منعاها حتى من سؤاله عن رقم تليفونه، وسرعان ما تمنى لها كل التوفيق، وانصرف ليلحق بالقطار.
ظلت دائما تتابع أخباره من بعيد، وإن منعها الخجل دائما من سؤال أحد بشكل مباشر عن وسيلة الاتصال به، وكانت دائما تسكت صوت لهفتها بالاعتقاد أنه في الغالب قد تزوج لأن أعواما عديدة قد مضت، لكنها لم تتوقف أبدا عن الدعاء له في كل صلاة بالنجاح والتوفيق والسعادة والوصول لأعلى المناصب.
وفي أحد الأيام تقدم لخطبتها شخص ذكرها به من أول لحظة... نفس الظروف... نفس الإصرار على النجاح والاعتماد على النفس... نفس الشموخ، ولكل هذه الأسباب كان من الطبيعي أن تميل مشاعرها إليه من أول لقاء كما لو كانت تعرفه منذ زمن... تصورته بطلا كذلك الذي يحيا بداخلها منذ سنوات... رأته امتدادا له...
وسالت الدموع على وجنتيها وهي تتذكر انسحاب ذلك الخطيب بمنتهى السرعة بمجرد علمه برفض أهلها المبدئي له لظروفه... بذلت قصارى جهدها وقتها لإقناعه أنها متمسكة به لأقصى درجة، وطالبته أن يحارب معها معركتهما التي تعلم جيدا قدرتها على الانتصار فيها، فهي تعلم أن والديها في النهاية لا يريدان سوى سعادتها، وأنهما سيخضعان لرغبتها إذا تأكدا من إصرارها على المضي قدما في الأمر، وأن رفضهما لا علاقة له بشخصه، لكنه الضعف البشري الطبيعي الذي يجعلنا نتحمس أحيانا لشيء ما من بعيد أما لو اقترب منا وطلب أن يكون جزءً من حياتنا، فإننا نتراجع ونخاف من المواجهة وتحمل المسئولية.
لم يجد كل حديثها طريقا لعقله أو قلبه، وصدمها تعامله معها كمجرد عروسة، وارتباطه بأول إنسانة رحب أهلها به ثأرا لكرامته.
وانهارت كل مشاعرها آنذاك، وهي لا تدري ما الذي جنته؟، وهل هذا هو الجزاء الذي كانت تستحقه؟!
وتنهدت وهي تفكر في السؤال الذي لم يفارق ذهنها منذ ذلك الحين، ويكاد يطيح بعقلها كلما تردد داخله: لقد كان بطلها القديم هو السبب في تعلقها السريع بذلك الشخص، فيا ترى لو كانت الظروف قد سمحت لهما باللقاء والوصول لنفس النقطة، هل كان سيتخلى عنها هو الآخر بنفس الأسلوب؟ هل رسمت بداخلها بطلا خياليا ليس له وجود، وظلت تتعبد في محرابه لسنوات وهو في الحقيقة لا يستحق كل هذا الاهتمام ولا يختلف عن غيره من الرجال في شيء؟ هل فقد الجميع القدرة على التمييز بين العدو والحبيب؟!!!
ومن يومها وهي تتمنى لقاءه - ولو صدفة - لتصرح له باهتمامها القديم، ولتسأله السؤال الذي ينهشها لأنها بحاجة فعلا لمعرفة الإجابة...
مالت الشمس للغروب، فالتفتت الفتاة لتتأمل ألوان السماء الرائعة حتى سقط القرص الأحمر الناري في البحر الغامض، وهنا نهضت واتخذت طريق العودة حيث ينتظرها أهلها لمغادرة الشاطيء.
وبقي السؤال داخلها يتردد في حيرة!

السبت، 9 مايو 2009

المحاكمة



"محكمة!"صاح الحاجب بهذه الكلمة في حسم مع بدء الجلسة ليقف جميع الحضور في احترام وتبجيل مع دخول القضاة الثلاثة إلى القاعة وجلوسهم ثم إشارة كبيرهم للناس بالجلوس.
- "ناد على القضية الأولى"
صاح الحاجب : "محمد" و"جورج" وإخوتهما ضد السيدة "هبة النيل"
وقف "محمد" و"جورج" من بين الحضور وأعلنا تمثيلهما لكل إخوتهما وسائر أفراد الفرع الضعيف من الأسرة، بينما بدت في قفص الاتهام سيدة وقور لم تنل سنوات عمرها العديدة من جمالها الفتان وسماحة وجهها الطيب، وإن بدت عليها رغم ذلك علامات الحزن العميق والإرهاق الشديد.
نظر القاضي للمدعيين وسألهما:
- ما دعواكما؟
بدأ "محمد" الحديث:
- يا سيدي القاضي هذه السيدة هي أم تجردت من كل معاني الأمومة والرحمة، وقست علينا – نحن أبناؤها – فحرمتنا من رعايتها ومن ثرواتها الضخمة... بخلت علينا وسدت في وجوهنا أبواب الرحمة، وآثرت علينا من يخدعها وينهبها... ليس ذلك فقط بل باعت العديد من ممتلكاتها بمبالغ طائلة بدعوى إنفاقها علينا وعلى أولادنا، وتحسين دخولنا ومساكننا وتعليم أبنائنا، ولكننا لم نحصل على أي من هذه الأموال يا سيادة القاضي، بل ضاقت علينا الأرض بما رحبت فلا نجد لنا سكنا آدميا ولا عملا لائقا ولا تعليما مفيدا لأبنائنا، بينما هي تبعثر أموالها هنا وهناك فيما لا طائل تحته. لقد أصبحنا في بيت أمنا كالخدم الأذلاء الذين يأكلون الفتات ويلبسون الأثمال البالية... يُضربون على مؤخرات رؤوسهم في كل وقت وينامون آخر الليل في الشوارع وتحت الكباري... ضاق بنا بيتنا فهمنا على وجوهنا، وطرقنا أبواب الجيران بحثا عمن يتبنانا ويرعانا ويوفر لنا ما حرمتنا منه أمنا. لكن يا سيدي إذا أهينت كرامتك في بيتك فمن ذا الذي سيجعل لك قيمة!!
غرق الكثير من إخوتي وأبنائي في البحر أثناء محاولتهم الهروب من جحيم البيت، وسُجن البعض الآخر، ومنهم من عمل كالثور المربوط بالساقية ليلا ونهارا عند الجيران ثم ضاعت حقوقه وليس هناك من يحميه أو يدافع عنه.
وأكمل جورج ملتفتا ناحية قفص الاتهام:
- لماذا يا أمي؟ ... لم حرمتنا من حبك وحنانك؟ لم بددت ثرواتنا وبعت أراضينا للغرباء الذين سالت دماؤنا أنهارا في الماضي حتى استطعنا طردهم من بيتك؟ لم أبحت دماءنا لكل من هب ودب؟ ألا تعلمين كم نحبك؟ وكم نتعذب لقسوتك علينا؟
بدا التأثر على وجه القاضي، وأشار للأخوين بالجلوس ملتفتا للمتهمة، وسألها:
- ألديك ما تدافعين به عن نفسك؟
تحدثت "هبة" والدموع تترقرق في عينيها الجميلتين:
- سامحوني يا أبنائي... إني مثلكم لا حول لي ولا قوة... في الماضي سيطر الغرباء على شركاتي وأموالي، وأداروها لحسابهم وظلموكم، لكنكم اتحدتم يا أبنائي وكافحتم حتى طردتم الغرباء، وعادت إدارة أموالي ومشروعاتي لكم... أليس هذا ما حدث؟
أجابها الأخوان معا: بلى
أكملت الأم والمرارة تكسو وجهها:
- يا سيادة القاضي إن أبنائي كثيرون، وكان عليّ أن اختار من بينهم من يمثلهم ويرعى شئوني وشئونهم، وقد كان، لكنه الطمع يا سيدي... لقد طمع بعض من اخترتهم من أبنائي للإدارة في أموال إخوتهم وكادوا لهم... كدسوا الأموال في حساباتهم الخاصة بعد أن سحبوها من أصول أملاكي وشركاتي وباعوا أكثرها للغرباء دون علمي أحيانا ودون موافقتي في أحيان أخرى... بنوا القصور والمنتجعات والقرى السياحية التي يتنعمون فيها هم وضيوفهم من الغرباء، وتركوا إخوتهم يحملون الجبال على ظهورهم... يأكلون اللقيمات الجافة... ويركبون السفن الغارقة والقطارات المحترقة... ينامون بالشوارع وأسفل الكباري... ويموتون دون أن يجدوا نفقات العلاج.
يا حسرتي على أبنائي يا سيادة القاضي... كلهم للأسف أبنائي ... منهم قابيل وأكثرهم هابيل... القاتل والمقتول... السارق والمسروق... الجاني والضحية. كلهم أبنائي.
وسالت دموعها وهي تواصل: ربما أخطأت في اختيار بعضهم ليدير الثروة ويوزع عائدها عليهم جميعا... لكني أحبهم با سيادة القاضي، وأتمنى لو أضمهم جميعا في صدري وأحيطهم بذراعيّ، لكن يديّ مغلولتان. سامحوني يا أبنائي لقد أخطأت في حقكم دون أن أدري، وأرجو ألا يكون الأوان قد فات، وأن أجد الفرصة لمداواة جراحكم والتخفيف عنكم.
تداول القضاة ثم تكلم كبيرهم: بعد أن ثبتت في حق السيدة "هبة النيل" جريمة تفضيل بعض أبنائها على البعض الآخر مما أدى لهلاك أغلبهم وضياع حقوقهم، فقد رأت المحكمة...
وقف "محمد" و"جورج" في هذه اللحظة وصرخا معا قبل إصدار الحكم:
- انتظر يا سيادة القاضي أرجوك، ولا تعاقب أمنا... إنها ضحية مثلنا... لقد كانت تريد الخير لنا جميعا. نحن من خان الأمانة... نحن من ضعفنا أمام إخوتنا المتجبرين وتركناهم ينهبون حقوقنا... نحن من استسلمنا لضعفنا وقلة حيلتنا وتهاونا في الدفاع عن أنفسنا والمطالبة بحقوقنا، ولن يمكننا الحياة يوما واحدا على هذه الأرض لو تسببنا في إصابة أمنا الحبيبة بأي مكروه. لذلك نرجو من سيادتكم إسقاط التهم عنها وتوجيه الاتهام للمخطئ الحقيقي في حقنا وحقها، مع إدراج اسمها في قائمة المدعين. كفانا ضعفا واستسلاما... كفانا صمتا وهوانا، ولنقف معا لنرد الظالم عن ظلمه ونعيد لأمنا كرامتها وبسمتها.
عاد القضاة للتشاور ثم تحدث كبيرهم:
- حكمت المحكمة بإسقاط التهم عن السيدة "هبة النيل" واستدعاء المتهمين الحقيقيين في القضية ومواجهتهم بما هو منسوب إليهم.
رفعت الجلسة

الاثنين، 4 مايو 2009

عودة

السلام عليكم... كيف حالكم جميعا؟؟؟ أتمنى أن تكونوا بخير حال
كان آخر ما نشرت على مدونتي العزيزة منذ ما يقرب من شهر ونصف، وطوال الفترة الماضية - وحتى الآن- انتابتني مشاعر سلبية عديدة، وكلما فكرت في الكتابة كنت أجد أن ما سأكتبه - وما كتبته بالفعل في هذه الفترة - سيكون الكآبة مجسمة، ولن يمتع أي قاريء لأنه ليس سوى تفريغ لآلام تخنقني، وإنما كل ما سيحدث أنه سيثير حولي موجة لا تنتهي من قلق الأصدقاء وإصرارهم على معرفة سبب هذه الحالة المسيطرة عليّ، وبما أني لا أملك تفسيرا في كلمات يرضي فضول الآخرين، وبما أني أعلم جيدا أن لا أحد يملك مساعدتي على تجاوز هذه المشاعر إلا الله، فقد التزمت الصمت الفترة الماضية، لكني كنت أتابع المدونة من آن لآخر، وقد قادني هذا إلى اكتشاف أن غيابي لم يشعر به أحد من الأصدقاء المدونين الذين دأبوا على متابعة ما أكتب، باستثناء الصديق الأزهري، والذي أشكره من صميم قلبي على اهتمامه وسؤاله.
لا أنكر أن عدم التعليق على غيابي قد زاد من حالتي النفسية سوءً، حتى أن كل ما قفز بذهني كان شخصية الفتاة التي كانت تعمل في نقل الخطابات والملفات بين المكاتب في فيلم "What Women Want" لميل جيبسون وهيلين هانت، والتي قدرت أنها لو توقفت يوما عن الذهاب إلى العمل فلن يلحظ أحد غيابها إلا بعد فترة طويلة جدا عندما تبدأ الملفات والخطابات في التكدس دون أن تجد من يوزعها!!
لكني لا أنكر أن بعض الأصدقاء في العمل ممن يحرصون على متابعة مدونتي قد سألوني أكثر من مرة لماذا توقفت، وأخص بالذكر أحمد عاطف والعزيزة هايدي، وهنا عادت الأفكار الإيجابية تزورني من جديد: حتى إن كان هناك شخص واحد يقرأ ما أكتب فهو يستحق أن أكتب احتراما له.
سأعمل خلال الأيام القادمة إن شاء الله على نشر موضوع جديد، وأتمنى أن تعود العجلة إلى الدوران من جديد.
أترككم الآن في رعاية الله

الجمعة، 20 مارس 2009

كلاكيت ثاني مرة ‍‍‍‍


عبرت فناء الكلية بخطوات متثاقلة متجهة إلي الكافيتريا حيث تنتظرني زميلتي لنرحل سويا، وفجأة اتسعت عيناي وتراجعت خطوتين للخلف عندما وقع بصري علي مشهد خُيل إليّ أني رأيته سابقا!
بل إنني متأكدة، فأنا لم أره سابقا فقط، بل كنت بطلته أيضا! وإليكم ما رأيت:
كانا شابا وفتاة يجلسان متجاورين بمفردهما، بينما انهمكا في حديث هامس ترتفع خلاله ضحكات رقيقة صادرة عن الفتاة. كانت هي إحدى الزميلات في الكلية وإن كانت تصغرني بعامين فأنا في عامي الرابع بالكلية بينما مازالت هي في عامها الثاني. أما هو فكان زميلي بنفس القسم والدفعة و .. حبيبي !!
ألم أقل لكم إنني أعرف هذا المشهد جيداً، ولقد رأيته الآن يتكرر أمامي مرة أخرى بكل تفاصيله مع اختلاف واحد بسيط للغاية!
أنا ! .. لقد اختفيت أنا تماما لتحتل هي مكاني!!
لن أخبركم كم كان قاسيا شعوري عندئذ ... أبهذه البساطة استطاع أن يستبدلني بأخرى؟ .. ألم أخطر بباله، ولو للحظة واحدة قبل أن يقدم علي خيانتي عند أول خلاف بسيط بيننا؟!
وخشيت لو اقتربت منهما أن أسمع نفس الكلمات التي دارت بيننا من قبل، واكتشفت أنني كنت ضحية لخدعة حقيرة من إنسان لا يقيم أدنى وزن للمشاعر النبيلة!
وتمزقت مشاعري بين إحساسي بالغدر الذي هز كياني بقوة، وشعوري بالغيرة التي كادت تدفعني للتهور حتى أنه قد خطر ببالي أن أتقدم منهما لأصفعه هو على وجهه ولأجذب تلك الحقيرة من شعرها و ....
وتراجعت طبعا لأن هذا الفعل ليس من أخلاقي، كما أنه لا يتناسب مع وجودنا في الكلية!
وسرعان ما تمالكت نفسي، وحمدت الله إنني قد اكتشفت خيانته، وأنه ليس الإنسان الذي يستحق حبي وثقتي . ولكني كنت أشعر بالألم يمزقني لاكتشافي كم كنت ساذجة حين صدقته ومنحته أجمل مشاعري و أيامي.
ثم لم تلبث مشاعر الإشفاق أن تسللت إلي أعماقي .. نعم ، لقد أشفقت علي تلك الفتاة الرقيقة الجميلة من أن تمر بكل ما مررت به أنا من قبل لينتهي بها الأمر متفرجة علي مشهد لعبت بطولته من قبل كما أفعل أنا الآن!
وخطر لي أن أحذرها .. نعم .. من واجبي أن أفعل، ولكن أية محاولة من جانبي لتحذيرها سيتم تفسيرها علي أنها مجرد شعور أحمق بالغيرة، وعدم تقبل الهزيمة...
وبإعادة النظر إلي وجهها الرقيق الناعم، أيقنت أنه ربما هو من يحتاج للتحذير!!
لقد لمحت في عينيها خبثا و دهاءً بلا حدود. إنها ليست في سذاجتي ... ليست غريرة وبريئة كما كنت أنا. لقد كنت صفحة بيضاء، وكان هو أول من سمحت له بأن يسطرني بكلمات الحب والوفاء والإخلاص، لأكتشف بعد ذلك أنه قد كتبها بحبر الغدر والخيانة والخداع!!
ألقيت عليهما نظرة أخيرة عندما وصل تفكيري إلي هذه النقطة، ثم رأيته يلتفت ناحيتي فجأة بعد أن علا صوت زميلتي وهي تناديني عندما تأخرت عليها.
ارتبك هو في البداية، ثم ارتسمت علي شفتيه ابتسامة خبيثة متشفية لم تلبث أن اختفت سريعا عندما قابلتها بنظرة احتقار وازدراء وأنا أتأبط ذراع زميلتي متجهة نحو باب الخروج دون أن ألتفت خلفي مرة أخرى .. قط.

الجمعة، 27 فبراير 2009

أخيرا عملت الواجب



كانت مفاجأة سارة جدا لي عندما علمت أن الصديقة العزيزة والفنانة شيماء زايد قد اختصتني أنا بالذات لتمرر إليّ واجب الرد على بعض الأسئلة التي أجابت هي نفسها عنها في مدونتها، وأحب أولا أن أعتذر لها عن تأخيري في الرد لظروف بعضها يتعلق بضغط العمل الشديد في الفترة الأخيرة، وبعضها يتعلق بحالتي النفسية في الفترة الأخيرة. واليوم قررت أخيرا أن أتغلب على كسلي وإرهاقي حتى أعمل الواجب. الأسئلة كانت تنقسم إلى مجموعتين قمت بضمهما معا في تسلسل واحد، فلنبدأ إذن على بركة الله

السؤال الأول : متى بدأت التدوين؟ وكيف دخلت هذا العالم؟
- أنا مثلك يا شيماء بدأت التدوين في 2008، وتحديدا في 21 سبتمبر من العام الماضي، لكني أهوى القراءة والكتابة منذ طفولتي، وفي سنوات دراستي الثانوية والجامعية أرسلت بعض ما أكتب مرارا إلى الدكتور/ نبيل فاروق في باب عزيزي القارئ بسلسلة كوكتيل 2000 ، وإلى بعض المسابقات الأدبية في مجلة الشباب، وكلمتنا، وغيرها لكن لم يكن لي الحظ في النشر مع أي منهم، فاعتدت أن أحتفظ بما أكتب لنفسي، ولم أعرف شيئا عن عالم المدونات حتى منتصف العام الماضي عندما بدأت في متابعة مدونة صديقي وزميلي بالعمل الكاتب الشاب أحمد رمضان، وانبهرت بالفكرة، وفي يوم سألته على استحياء كيف أنشأ هذا الموقع ومن ساعده على ذلك، ففوجئت به يقول أن هذا الموضوع مجاني تماما ويمكن إنشاء مدونة بخطوات بسيطة جدا، وفي خلال أيام كان قد تطوع مشكورا - بعد أن قرأ بعض كتاباتي – بإنشاء هذه المدونة لي ليشجعني على فتح نافذة خاصة بي على العالم وهو من اختار تصميمها المميز وألوانها... وهكذا كانت البداية.
السؤال الثاني : ماذا كان انطباعك في البداية؟
- كنت أشعر بالتردد والخوف من ألا أجد صدى لما أكتب عند الآخرين، لكني فوجئت بحفاوة الاستقبال من الأصدقاء المدونين، وسعدت بازدياد زوار المدونة يوما بعد يوم، وبتعليقاتهم الجميلة المشجعة.. والحمد لله
السؤال الثالث: من أكثر شخص تحب تعليقه على البوست الجديد؟
- أسعد بكل من خصص من وقته بضع دقائق ليقرأ ما كتبت، وكان إيجابيا بما يكفي ليترك تعليقه وانطباعه عما قرأ.
السؤال الرابع: ما أهم الأمور التي تعلمتها من عالم التدوين؟
- الحرية في التعبير عن الرأي في عالم يكون فيه كل مدون هو الرقيب الوحيد على نفسه، ومن يفهم الحرية الصحيحة يعلم أنها مسئولية قبل كل شيء.
السؤال الخامس : ما أكثر شيء كرهته هنا؟
- أتفق مع صديقتي شيماء زايد في أن البعض في عالم التدوين يعبر عن رأيه سواء كان سياسيا أم دينيا بشكل به تطاول على الآخرين وهو شيء أرفضه تماما، كما أرفض تعليقات بعض الجبناء من المجهولين الذين يتركون أحيانا تعليقات مليئة بالحقد والغل والألفاظ الغير لائقة بهدف النيل من شخص المدون، فلو كان لدى أي منهم ذرة من الشجاعة لأفصح عن اسمه مقرونا برأيه وبأسلوب أكثر احتراما.
السؤال السادس: هل تشعر أن للتدوين تأثير؟
- بالتأكيد له تأثير، بالإضافة إلى أنه كان كما يقولون "وش السعد" على عدد كبير من المدونين الذي تحولت مدوناتهم إلى كتب منشورة تحمل اسمهم بعد أن حققت مدوناتهم نجاحا واجتذبت العديد من القراء.
السؤال السابع : اذكر ستة أسرار لا يكتشفها من يقابلك لأول مرة؟
- بصراحة ضحكت كثيرا وأنا أحاول عبثا التفكير في هذه الأشياء الستة نظرا لكوني إنسانة واضحة جدا في تعاملاتي مع الآخرين... الحقيقة لا أدري ومن يعرف فليخبرني!
السؤال الثامن: 7 أشياء تتمنى أن تفعلها؟
1- أتمنى أن أجد لي مكانا على أرض وطني يليق بكل ما بذلته من مجهود في سبيل ذلك طوال حياتي.
2- أتمنى لو أتمكن يوما من أن أصنع فارقا إيجابيا في حياة إنسان ما، وعندها سأشعر أن حياتي لها قيمة حقيقية.
3- أتمنى لو أقضي حياتي في منزل صغير ببقعة هادئة من أرض مصر تطل على البحر.. بعيدا عن الزحام والنفاق والصراعات الدنيئة... بعيدا عن القبح بكل معانيه.
4- أتمنى القيام برحلة الحج مع من يرتضيه ليّ الله زوجا في الدنيا والآخرة بإذنه تعالى.
5- أتمنى أن أرضى حتى آخر يوم في عمري بكل ما يقسمه الله لي.
6- أتمنى أن أكون اجتماعية أكثر من ذلك
7- أتمنى أن تُنشر يوما مجموعة قصصية تحمل اسمي واسم دار نشر محترمة، وأن تحقق النجاح
السؤال التاسع : 7 أشياء لم تستطع أن تفعلها؟
1- التخلص من إحساسي بالوحدة بين الآخرين
2- التوقف عن التفكير 24 ساعة يوميا
3- "تكبير دماغي"
4- إقناع من أحيهم بغير ما في رأسهم
5- التظاهر بالسعادة بينما يعتصرني الحزن
6- النفاق أو التقرب للرؤساء لتحقيق مصالح شخصية
7- التوقف عن انتظار الحب الحقيقي
السؤال العاشر: 7 عبارات ترددها دائما؟
- حسبي الله ونعم الوكيل
- الحمد لله على كل حال
- اللهم قدر ليّ الخير أينما كان ثم أرضني به
- لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
- ما علينا
- يا مُرك يا نعمة!!
- أكلمهولك إن شاء الله!!
السؤال الحادي عشر: 7 مشاكل في حياتك ممكن تحلهم بالفلوس؟
- مشكلة المواصلات "سيارة"
- ذهاب أسرتي بالكامل للحج
- "تنطيط" بعض رؤسائي في العمل "أكون ريسة نفسي"
- القدرة على مساعدة الآخرين في حالة وجود مشكلة مادية كبيرة
- السكن بعيدا عن الازدحام
- عمل جولة سياحية طويلة داخل مصر أولا ثم حول العالم
- "مش عارفة إيه تاني"!!
السؤال الثاني عشر: 7 أماكن تحبهم؟
- شقتنا القديمة في شبرا
- مرسى مطروح
- مدرسة حدائق شبرا الابتدائية المشتركة
- كورنيش النيل
- الملاهي "نفسي أروحها قوي"
- شركة فيوتك
- كلية الألسن – جامعة عين شمس
السؤال الثالث عشر: أشخاص تحبهم غير ماما وبابا وإخواتي؟
- طبعا أولاد أخي العفاريت "أدهم" و"مصطفى" و"ندى"، ووالدتهم العزيزة، وأبلة "سامية" أول مُدرسة تلقتني في ابتدائي، و كل زملائي وأصدقائي وإخوتي في "فيوتك" وعلى رأسهم نهاد وماجدة وأ. أحمد أبو سيف وأ.أشرف، ومديري السابق الذي أعتبره كوالدي الثاني د. نبيل كامل، وصديقتي الدكتورة شيماء السيد فرج، وزميلتي العزيزة بالإذاعة هبة رشيد التي أعتبرها كأخت ثانية رزقني الله بها، وزميل الدراسة القديم عمر الشواف وزوجته إيمان، وطبعا لا أنسى زملائي وأصدقائي في جودنيوز سارة يحيي وأحمد رمضان ومنى محمد فتحي ومريهان عزام وشيرين سمير وأحمد عاطف ورضوى ونيرفانا وسحر وعمرو شعت وإسلام عمروأيمن الزهيري وفريق الـ QA والـ Data Entry بالكامل.
السؤال الرابع عشر: مدونين تحب أن تقرأ لهم؟
أحمد رمضان "Ahmedism" – شيماء زايد "همسات القلم" – محمد غالية "هل تبحث عن السعادة؟" – حسام مصطفى إبراهيم "فضفضات" – الأزهري "الفارس الأخير" – المفكر الغائب منذ فترة "me… my thought" – كيارا "عالم مولان" – مدونة الفنان خالد الصاوي – كوشيا "قصاقيص" وأحوال الهوى وموناليزا وروفي ودينا وحنان الشافعي والدكتور عمرو فاروق وناس كتير غيرهم بس يجوز مش بنفس الانتظام.
السؤال الخامس عشر: ما الحالة التي تكون فيها أثناء الكتابة وما طقوسك؟
أكون في حالة تركيز شديد واندماج كامل، ويجب أن أكون جالسة بمفردي في غرفة مغلقة وهادئة تماما بعد أن أكون قد تخيلت الفكرة في رأسي أولا.
السؤال الأخير: لمن تمرر هذا الواجب؟
أمرره بكل الود والاحترام و"التدبيس" لكل من ذكرتهم في إجابة السؤال الرابع عشر. وأطلب منهم الصفح مقدما على الورطة التي وضعتهم بها!!

- أخيرا عملت الواجب.. الحمد لله. أشكر صديقتي العزيزة شيماء زايد على اهتمامها ومحبتها وأشكر كل من أرهق نفسه بقراءة إجاباتي والتعليق عليها.

السبت، 7 فبراير 2009

أمل ... أم عذاب جديد


- ماذا عساني أفعل؟؟!!
بادرتني صديقتي بهذه الكلمات، فنظرت لها باهتمام، وطلبت منها أن تشرح لي ما الأمر، فاسترسلت:
- جاءني يدق بابي ... يبدِ اهتماما كبيرا .. يقترب وهو لا يزال بعيدا... ويدنو مني أكثر وأكثر... يخترق كياني... يشعر بما داخلي دون ان أعبر بالكلمات!! أي سحر هذا؟؟؟!!
جاءني وأنا في أمس الحاجة إليه، كمن طال سيره في صحراء قاحلة لأعوام وأعوام... وحيدا يقتله العطش والاحتياج إلى الظل والأمان .. وفجأة إذا بواحة خضراء ظليلة تلوح من بعيد دون مقدمات!!
أهو السراب؟؟؟!! أخشى الاقتراب منها خوفا من ذلك ... تكفيني سعادة الحلم والأمل وأخاف أن تبددها قسوة الواقع المرير!!
نظرت إليها بتعاطف واهتمام بعد أن أدركت أنها على وشك الوقوع في الحب الذي يأتي دائما من حيث لا ندري ولا نعلم، وأكملت وهي تسألني:
- أترينه حقا قد جاء لينتشلني من آلامي ويلملم أشلاء قلبي الممزق؟؟... أم ليسهم هو الآخر في وضع حجر جديد لبناء شاهد قبري؟؟!!
كنت أعلم أنها لا تنتظر مني ردا، لأني ببساطة لا أعلم تفاصيل قصتها ولا أعرف ذلك الشخص الذي تحدثني عنه، ولكنها عادتها كلما شغل بالها أمر ما أن تفضفض بما يجول في خلدها أمامي بصوت مرتفع، واعتدت أنا ألا أقاطعها حتى النهاية، وتركتها تواصل إخراج ما بداخلها:
- لطالما تساءلت دون أن أجد إجابة... ما الذي يجنيه الآخرون من جلدي بسياط القسوة والتسلط والتجاهل والغدر، بينما لم أقدم لهم سوى الإخلاص والصدق والحب بلا حدود؟؟!!
وسالت الدموع من عينيها أنهارا وهي تواصل حديثها مع نفسها أمامي:
- إنه الجنون !! نعم ... رغبة دفينة لدى البشر تدفعهم لإيذاء الآخرين ودهسهم بالأقدام دونما ذنب جنوه، ودونما أي عائد أو ربح منتظر!! ثم نظرت إليّ بارتياع وسألت: أترينه مثلهم هو الآخر؟؟!!
ومرة أخرى لم تحصل مني سوى على نظرة حائرة فنهضت متوجهة إلى نافذة حجرتي، وفتحتها وقالت وهي تنظر إلى السماء:
- يا الهي ماذا أفعل ؟؟!! أرشدني .. ثبتني واهدني لما فيه الخير.. لو كان خيري فيه ومعه طمئن قلبي يا رب، وأعطني القوة و الثقة لأقترب أكثر، وألقي بخوفي وتجاربي المؤلمة مع البشر خلف ظهري... و إن كان يضمر شرا .. أرجوك يا الهي أيقظ ضميره ليبتعد، ويبحث عن بغيته بعيدا عني قبل أن ينالني شره.. يقول أني كالفراشة، وأقسم بالله إنني مثلها هشة ضعيفة .. لا يمكنني مع كل ما أصابني من جراح مواجهة صدمة جديدة، ولكني أيضا مثلها عنيدة .. تسعى خلف الضوء لتستمد منه الدفء و الحياة حتى لو حمل هلاكها!!
وعادت تلتفت إليّ وهي تكمل بمرارة:
- لقد أصبحت في هذا العالم كائنا منقرضا أحمقا لا يزال يؤمن بالحب .. بالخير .. بالوفاء!! وأقصى آمالي هو أن أقابل يوما كائنا آخرا من نفس فصيلتي البائسة ليؤنس وحدتي، ويحتوي غربتي الطويلة ..أيكون هو؟؟ وطني وداري وحضن أماني الذي طالما دعوت الله أن يرسله لي؟؟
أجبتها أخيرا بعد أن شعرت بأنها قد أفرغت شحنة إنفعالاتها وهدأت قليلا:
- يا صديقتي العزيزة لقد فعلت الصواب عندما طلبت العون من الله .. وحده يعلم ما في القلوب .. وسيقدر لك الخير أينما كان إن شاء الله ثم يرضيك به، لأنك يا حبيبتي تستحقين بالفعل كل الخير، لكننا أصبحنا في زمان خوان ليس له أمان، زمان لم يعد لمن هي مثلك فيه مكان، ولذا فمن الطبيعي أن تشعري بالاغتراب وبالألم.
وصمت وتركتها ترحل وأنا أدعو الله أن يحميها ولا يخيب رجاءها.

الثلاثاء، 20 يناير 2009

فات الأوان


- آسفة يا حبيبي، لم أستطع العودة .. لقد جاءني عمل عاجل منعني من اللحاق بالطائرة.
بكلماتي الاعتذارية المعتادة بادرت "محمود" خطيبي الذي يحادثني هاتفيا من القاهرة، فقد كنت في رحلة عمل في باريس لعمل تحقيق صحفي هام، ولقد اتصل بي "محمود " مرتين طالبا مني العودة بإلحاح، وكنت أعده بذلك، ولكن بريق العمل والشهرة كان يمنعني من العودة قبل أن أحقق النجاح الذي أنشده في الموضوع الذي سافرت من أجله.
وهكذا كنت في شدة الخجل و أنا أحدثه، ولكنه أجابني بصوته الحنون الدافئ:
- لك عذرك يا حبيبتي، ولكن أرجوك .. ابذلي أقصى جهدك للعودة سريعا فقد أوحشتني للغاية .
واكتسب صوته رنة ألم وهو يستطرد:
- كما أنه هناك ما يجب أن أخبرك به..!
أجبته في دهشة:
- ألا يمكن أن تعطيني فكرة عن الموضوع؟!
صمت لحظة ثم قال في تردد:
- لا .. لا أظن أنه يمكن التحدث عنه في التليفون.
أنهيت المحادثة قائلة:
- عموما سأبذل قصارى جهدي .. إلى اللقاء الآن.
ورغم وعدي هذا، إلا أنني لم أعد إلى مصر إلا بعد أسبوع كامل لم أتصل فيه بــ"محمود" و لو لمرة واحدة بل اكتفيت بإرسال تلغراف لأخي، وآخر لخطيبي لينتظراني في المطار . و لكن عند وصولي وجدت أخي "حسن" وحده في انتظاري وعلى وجهه علامات الحزن، فسألته بلهفة :
- أين "محمود"؟ لماذا لم يحضر معك لاستقبالي.. ألديه ما هو أهم مني؟ّ!
خيل إليّ أنه ينطق بصعوبة وأني أرى بريقا غريبا في عينيه وهو يقول:
- لا .. لم يكن لديه من هو أهم منك أبدا، .. و لكن هناك ما منعه من استقبالك..
انهارت أعصابي وأنا ألح في سؤاله حتى أخبرني ودمعة تسيل على وجنته أن محموداً قد مات!!
لا أدري ماذا فعلت بعد أن سمعت ذلك، ولكن لم أدر إلا وأنا أدلف لمنزل "محمود" منادية باسمه والدموع تغرق وجهي، والصمت هو مجيبي الوحيد، ثم رأيت والدته جالسة في الصالة تبكي وسط جموع المعزين.
لحظتها فقط أدركت أنها الحقيقة .. لقد فقدت حياتي .. فقدت حبيبي "محمود" !
وقد أخبروني بعد ذلك أنه كان مريضا بمرض خبيث ظهرت أعراضه فجأة، وكان يرغب في قضاء أيامه القليلة الباقية معي، وبالطبع أضعت أنا بغبائي وطموحي الصحفي الجامح آخر لحظات لي معه .. مع "محمود".
مرت هذه الذكريات الأليمة بذهني كشريط سريع، و أنا أقدم استقالتي من الجريدة الشهيرة التي أعمل بها، وتمنيت لو كان "محمود" معي الآن لأخبره أنه عندي أهم من عملي، وعمري، وحياتي كلها ..
لكن للأسف لم يعد ندم الدنيا كله يجدي ... لقد فات الأوان!!

الأربعاء، 7 يناير 2009

مستقبل العالم



خيم الصمت إلي حد ما على المكان الذي بدا كأرض خربة مهجورة تشرق عليها شمس عليلة تحيط بها سحب كثيفة رمادية اللون وسط سماء يكاد لونها يقارب الأسود، أما الجو فكان خانقا، مليئا بالدخان الأسود الكثيف ... وقد تناثر الحطام في كل مكان، ولا أثر لأي لون أخضر على امتداد البصر، وإن تناثرت جثث عديدة متنوعة ما بين الإنسان، ومختلف أنواع الحيوانات .
وفجأة .. تحرك أحد الأجساد الممددة علي الأرض، ونهض واقفا بصعوبة مرتديا أثمالا بالية ممزقة، ومغطاة بالدماء والقاذورات، وتبعته أربعة أجساد أخرى... تحركت، ثم نهضت مصدرة أصواتا متألمة ... كانوا ثلاثة رجال، وامرأة، وقد ارتدوا جميعا ثيابا مشابهة لثياب زميلهم الأول، وملأت أجسادهم إصابات مختلفة.
بدأوا في السير متفرقين، وأخذوا ينقبون في أكوام الرماد، والحطام بحثا عن بعض بقايا الطعام ليسدوا بها رمقهم.
وبعد أكثر من نصف ساعة من البحث المضني، بدأ التعب يظهر عليهم وبدا اليأس في عيونهم ...
وفجأة صرخ أحدهم، وقفز مهللا، وفي يده قطعة من الخبز الجاف فأجابته صرخات رفاقه الذين انقضوا عليه بمنتهى الشراسة، وقد أصر كل منهم على الحصول على الطعام لنفسه. ونشبت معركة جديدة بين من تبقى من بني البشر، معلنة استمرارهم في التمسك بطبيعتهم الهمجية المتخلفة المائلة دائما للعنف، وأنانيتهم المقززة‍‍‍‍‍‍‍‍.
وعلى الأرض ... على بعد أمتار من هذه المعركة الضارية تناثرت أوراق ما بدا كجريدة مهترئة ممزقة، وإن بقت بعض الكلمات واضحة في صفحتها الأولى تقول:

"
الأربعاء 28 فبراير عام 2080
قيام الحرب العالمية الثالثة ...
الإنفجارات الذرية والدمار في كل مكان
بداية النهاية لكوكب الأرض ... ومخلوقاته!!!"