- آسفة يا حبيبي، لم أستطع العودة .. لقد جاءني عمل عاجل منعني من اللحاق بالطائرة.
بكلماتي الاعتذارية المعتادة بادرت "محمود" خطيبي الذي يحادثني هاتفيا من القاهرة، فقد كنت في رحلة عمل في باريس لعمل تحقيق صحفي هام، ولقد اتصل بي "محمود " مرتين طالبا مني العودة بإلحاح، وكنت أعده بذلك، ولكن بريق العمل والشهرة كان يمنعني من العودة قبل أن أحقق النجاح الذي أنشده في الموضوع الذي سافرت من أجله.
وهكذا كنت في شدة الخجل و أنا أحدثه، ولكنه أجابني بصوته الحنون الدافئ:
- لك عذرك يا حبيبتي، ولكن أرجوك .. ابذلي أقصى جهدك للعودة سريعا فقد أوحشتني للغاية .
واكتسب صوته رنة ألم وهو يستطرد:
- كما أنه هناك ما يجب أن أخبرك به..!
أجبته في دهشة:
- ألا يمكن أن تعطيني فكرة عن الموضوع؟!
صمت لحظة ثم قال في تردد:
- لا .. لا أظن أنه يمكن التحدث عنه في التليفون.
أنهيت المحادثة قائلة:
- عموما سأبذل قصارى جهدي .. إلى اللقاء الآن.
ورغم وعدي هذا، إلا أنني لم أعد إلى مصر إلا بعد أسبوع كامل لم أتصل فيه بــ"محمود" و لو لمرة واحدة بل اكتفيت بإرسال تلغراف لأخي، وآخر لخطيبي لينتظراني في المطار . و لكن عند وصولي وجدت أخي "حسن" وحده في انتظاري وعلى وجهه علامات الحزن، فسألته بلهفة :
- أين "محمود"؟ لماذا لم يحضر معك لاستقبالي.. ألديه ما هو أهم مني؟ّ!
خيل إليّ أنه ينطق بصعوبة وأني أرى بريقا غريبا في عينيه وهو يقول:
- لا .. لم يكن لديه من هو أهم منك أبدا، .. و لكن هناك ما منعه من استقبالك..
انهارت أعصابي وأنا ألح في سؤاله حتى أخبرني ودمعة تسيل على وجنته أن محموداً قد مات!!
لا أدري ماذا فعلت بعد أن سمعت ذلك، ولكن لم أدر إلا وأنا أدلف لمنزل "محمود" منادية باسمه والدموع تغرق وجهي، والصمت هو مجيبي الوحيد، ثم رأيت والدته جالسة في الصالة تبكي وسط جموع المعزين.
لحظتها فقط أدركت أنها الحقيقة .. لقد فقدت حياتي .. فقدت حبيبي "محمود" !
وقد أخبروني بعد ذلك أنه كان مريضا بمرض خبيث ظهرت أعراضه فجأة، وكان يرغب في قضاء أيامه القليلة الباقية معي، وبالطبع أضعت أنا بغبائي وطموحي الصحفي الجامح آخر لحظات لي معه .. مع "محمود".
مرت هذه الذكريات الأليمة بذهني كشريط سريع، و أنا أقدم استقالتي من الجريدة الشهيرة التي أعمل بها، وتمنيت لو كان "محمود" معي الآن لأخبره أنه عندي أهم من عملي، وعمري، وحياتي كلها ..
لكن للأسف لم يعد ندم الدنيا كله يجدي ... لقد فات الأوان!!
بكلماتي الاعتذارية المعتادة بادرت "محمود" خطيبي الذي يحادثني هاتفيا من القاهرة، فقد كنت في رحلة عمل في باريس لعمل تحقيق صحفي هام، ولقد اتصل بي "محمود " مرتين طالبا مني العودة بإلحاح، وكنت أعده بذلك، ولكن بريق العمل والشهرة كان يمنعني من العودة قبل أن أحقق النجاح الذي أنشده في الموضوع الذي سافرت من أجله.
وهكذا كنت في شدة الخجل و أنا أحدثه، ولكنه أجابني بصوته الحنون الدافئ:
- لك عذرك يا حبيبتي، ولكن أرجوك .. ابذلي أقصى جهدك للعودة سريعا فقد أوحشتني للغاية .
واكتسب صوته رنة ألم وهو يستطرد:
- كما أنه هناك ما يجب أن أخبرك به..!
أجبته في دهشة:
- ألا يمكن أن تعطيني فكرة عن الموضوع؟!
صمت لحظة ثم قال في تردد:
- لا .. لا أظن أنه يمكن التحدث عنه في التليفون.
أنهيت المحادثة قائلة:
- عموما سأبذل قصارى جهدي .. إلى اللقاء الآن.
ورغم وعدي هذا، إلا أنني لم أعد إلى مصر إلا بعد أسبوع كامل لم أتصل فيه بــ"محمود" و لو لمرة واحدة بل اكتفيت بإرسال تلغراف لأخي، وآخر لخطيبي لينتظراني في المطار . و لكن عند وصولي وجدت أخي "حسن" وحده في انتظاري وعلى وجهه علامات الحزن، فسألته بلهفة :
- أين "محمود"؟ لماذا لم يحضر معك لاستقبالي.. ألديه ما هو أهم مني؟ّ!
خيل إليّ أنه ينطق بصعوبة وأني أرى بريقا غريبا في عينيه وهو يقول:
- لا .. لم يكن لديه من هو أهم منك أبدا، .. و لكن هناك ما منعه من استقبالك..
انهارت أعصابي وأنا ألح في سؤاله حتى أخبرني ودمعة تسيل على وجنته أن محموداً قد مات!!
لا أدري ماذا فعلت بعد أن سمعت ذلك، ولكن لم أدر إلا وأنا أدلف لمنزل "محمود" منادية باسمه والدموع تغرق وجهي، والصمت هو مجيبي الوحيد، ثم رأيت والدته جالسة في الصالة تبكي وسط جموع المعزين.
لحظتها فقط أدركت أنها الحقيقة .. لقد فقدت حياتي .. فقدت حبيبي "محمود" !
وقد أخبروني بعد ذلك أنه كان مريضا بمرض خبيث ظهرت أعراضه فجأة، وكان يرغب في قضاء أيامه القليلة الباقية معي، وبالطبع أضعت أنا بغبائي وطموحي الصحفي الجامح آخر لحظات لي معه .. مع "محمود".
مرت هذه الذكريات الأليمة بذهني كشريط سريع، و أنا أقدم استقالتي من الجريدة الشهيرة التي أعمل بها، وتمنيت لو كان "محمود" معي الآن لأخبره أنه عندي أهم من عملي، وعمري، وحياتي كلها ..
لكن للأسف لم يعد ندم الدنيا كله يجدي ... لقد فات الأوان!!