تابعوني على فيس بوك

السبت، 8 نوفمبر 2008

عن السعادة

الصديق محمد غالية صاحب مدونة (هل تبحث عن السعادة؟) يواصل ممارسة مهام مدونته، وألقى بمجموعة من الأسئلة عن السعادة طالبا من كل أصدقائه – وأنا منهم لحسن حظي – الإجابة عنها. والواقع أن الأسئلة رغم بساطتها الظاهرية، إلا أن الإجابة عنها ستحمل فلسفة كاملة للحياة. وعلى أية حال فلنبدأ الإجابة والله المستعان:
السؤال الأول: ماهى السعادة من وجهة نظرك؟
دعونا نفصل في البداية بين مفهومين: السعادة، والراحة. الراحة هي عامل قد يسهم في شعور الإنسان بالسعادة لكنها لا تكفي وحدها لتحقيقها، بينما السعادة قد تتحقق في بعض الأحيان والظروف دون توافر عوامل الراحة والرفاهية التي تحققها المادة مثلا، لكن غياب الراحة قد يمنع بعض الناس من الاستمتاع بهذه السعادة رغم وجودها. وبالنسبة لي السعادة هي إحساس الفرد بأنه كالزهرة المتفتحة في كامل بهائها وجمالها.. كالفراشة بهيجة الألوان وهي ترفرف بجناحيها في حرية. إحساس يرغب الإنسان دائما في الاستزادة منه والاستمتاع به حتى آخر قطرة، لكنه – كالزهرة والفراشة – قصير العمر يمضى بسرعة كالنسيم العليل الذي يهب فجأة وسط ليلة شديدة الحرارة، ولذلك يجب أن نعيش لحظته ونستمتع بها لأننا لا ندري بمنتهى البساطة إن كانت هناك لحظة أخرى أم لا.
السؤال الثانى: كيف تصل إلى السعادة؟
في رأيي أن الإنسان لا يدري تحديدا ما هو الطريق الذي يجب أن يسلكه ليصل إلى السعادة، ففي كثير من الأحيان نسعى بكل قوتنا خلف شيء ما أو أمر ما متصورين أن به سعادتنا، بينما الحقيقة أنه يحمل شقاءنا دون أن ندري... تماما كالفراشة التي تسعى بكامل طاقتها للوصول إلى النور، وتطارده بكل ما أوتيت من قوة ليكتمل وجودها وتتحقق ذاتها، وعندما تصل إليه تفاجأ أنه نار تحرقها وتقضي على آمالها. في ظني أننا قد نجد سعادتنا الحقيقية في شيء آخر غير هدفنا الأصلي. لذلك فأنا أرى أن الإنسان يجب أن ينظر دائما إلى ما في يده، وما استطاع بالفعل تحقيقه ويدرك ماهيته ويشعر بقيمته، وهنا سيسعد ويرضى، لكن إذا أمضى أيامه في البكاء على ما كان يظن أن به سعادته ولم يستطع يوما تحقيقه سيدخل في دائرة من الحسرة والتعاسة بينما السعادة الحقيقية بين يديه ولا يشعر بها.

السؤال الثالث: هل السعادة وهم أم أنها حلم صعب؟
هناك لحظات من السعادة يمكن لكل منا أن يشعر بها، وينتزعها انتزاعا من الأيام مهما كانت أحزانه، وصعوبات حياته، وعن نفسي أشعر بكل السعادة عند مساعدة الآخرين وإسعادهم... أو عندما أتطلع لوجه طفل بريء يبتسم لي دون أن يعرفني، أو يطبق بأصابعه الصغيرة الرائعة على كفي... يسعدني أيما سعادة التطلع إلى صديقي القمر، وهو بدر في السماء يرافق خطواتي أينما كنت كأنما يطمئن عليّ ويسهر على راحتي، ويمنحني الأمل في وجود النور حتى وإن كان بعيدا... يسعدني تقبيل كف أمي لأعبر لها عن القليل جدا من امتناني العميق لكل ما بذلته وتبذله من أجلي أنا وإخوتي، وأسعد بلا شك كلما قدرني الله على أداء صلاة الفجر في وقتها، حيث يغمرني إحساس لا يمكنني وصفه. كل هذه اللحظات وغيرها حقيقية ومتاحة لنا جميعا، وإن كان أغلبنا غافل عن إدراكها والاستمتاع بها، لانشغالنا الرهيب بمطاردة أهدافنا التي نؤمن أنها ستحقق لنا سعادة طويلة الأمد. إذن فالسعادة ليست وهم بجميع المقاييس، إنما هي نوعان: سعادة لحظية متاحة لنا جميعا، وسعادة طويلة الأمد هي بمثابة الحلم الصعب الذي علينا السعي لتحقيقه، وقد نصل أولا.
السؤال الرابع: هل السعادة طريق للنجاح؟ وضح؟
نعم، أرى أن السعادة طريق للنجاح، وليس العكس، لأن السعادة تبعث في أرواحنا طاقة لا حدود لها، وتمنحنا دافعا للحصول على المزيد منها، وإكمال أركانها بالنجاح في حياتنا، وعملنا وعلاقاتنا مع الآخرين، وهنا يولد النجاح المزيد من السعادة الموجودة بالفعل. بينما قد يقابلك النجاح وأنت من داخلك حزين ووحيد، فلا تشعر بقيمته، ولا تفرح به، وتفقد متعة تحقيق هدفك لعدم وجود من يشاركك فرحة هذا النجاح، ويمنحك الدافع لمواصلته وتحقيق المزيد منه.
السؤال الخامس: ماهى أكثر اللحظات التى شعرت فيها بالسعادة؟
من أكثر اللحظات التي شعرت فيها بالسعادة بلا مبالغة كان يوم عيد ميلادي الذي مر منذ أيام، وكان ذلك بفضل أصدقاء مخلصين فاجأوني بحبهم واهتمامهم، واحتفلوا بي احتفالا لم أتوقعه، وإنما كنت في أمس الحاجة إليه، وفي أمس الحاجة للشعور بأن هناك من تذكرني وتحمل التعب والمشقة لرسم ابتسامة حقيقية على وجهي.. حقيقية لأنها لم تكن سوى إنعكاسا لابتسامة قلبي في هذه اللحظة... فشكرا لكم جميعا يا أصدقائي، ولا شك أنكم تعلمون كم أحبكم.
السؤال السادس:هل ممكن أن تحقق كل شىء؟
الكمال لله وحده، ولايمكن لإنسان مهما كان أن يحقق كل شيء، لكن في حياة كل منا هناك شيء ما إذا أنعم الله علينا وتحقق نشعر وقتها أننا قد حققنا كل شيء وملكنا الدنيا وما عليها.
السؤال السابع: هل تجعلك السعادة مقبلا على الحياة؟
بالتأكيد، وقد أوضحت ذلك في العلاقة بين السعادة والنجاح.
السؤال الثامن: هل أحسست يوما انك وصلت لقمة السعادة؟
ليس بعد، لكن أملي في الله لا ينقطع، وأعلم أن رجائي فيه لن يخيب.
السؤال التاسع: لماذا تمر أوقات السعادة بسرعة؟
حتى نشعر بقيمتها، ونقدرها حق قدرها، فمن طبيعة الإنسان الاعتياد على الأشياء والأوضاع إذا دام وجودها، ومع الاعتياد يشعر بالملل، ويفقد القدرة على التقدير، ومن هنا تمر السعادة أمامنا بسرعة حتى لا نمل منها ونفقد الاستمتاع بها، ونتعلم ألا نضيع لحظاتها القصيرة هباء.

السؤال العاشر: هل ترى السعادة فى التدين؟
الدين بالنسبة لي هو منهج كامل للحياة، ومجرد التزام الإنسان قدر الإمكان بأوامر ونواهي دينه في أسلوب حياته يمنحه شعورا داخليا بالرضى عن نفسه، حتى وإن كان يحيا في شقاء وألم، لأن بداخله الثقة في أن الله لن يتركه ولن يضيع عمله الطيب أبدا، وحتى إن لم يجد السعادة في الدنيا، فتدينه سيكون بلا شك طريقه للسعادة الأبدية في الجنة بإذن الله.
السؤال الحادى عشر: هل أنت متفائل وعندك أمل؟ وضح؟
هناك قول مأثور يقول "الأمل كلمة كتبها الله على جبين كل إنسان" وطالما آمنا بوجود الله سيظل الأمل بداخلنا باقيا كالشمعة التي يتوهج ضوءها لحظات، ويضعف لحظات أخرى، لكنه أبدا موجود. وهذا لا يمنع أنه في أحيان كثيرة تكرار الشعور بخيبة الأمل يجعل الإنسان يلجأ لحيلة دفاعية هي توقع الأسوأ لحماية النفس من الشعور المدمر الذي ينتج عن تعليق الأمل على شيء ما أو شخص ما ثم يتضح العكس، وعن نفسي أعترف أني منذ زمن أتبع هذه الحيلة لتخفيف الألم عند خيبة الأمل.
السؤال الثانى عشر: إذا شعرت بالحزن ماذا تفعل؟
إذا شعرت بالحزن أصمت وأميل للابتعاد عن الآخرين، حتى أتجنب أكثر سؤال أكرهه في حياتي: ماذا بك؟، وتتردد بداخلي الآية الكريمة: "ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا".
السؤال الثالث عشر: هل يستمر معك الحزن فترة أم ينقضى فى الحال؟
للأسف يستمر الحزن معي لفترة، بل قد تتراكم الأحزان فوق بعضها البعض أحيانا، لكن الحياة تمضي، ومن حين لآخر تأتي ابتسامة لتمحو الأحزان، وتمنح القلب القدرة على مواصلة السير.
السؤال الرابع عشر: ما رأيك فى الأفراد المتشائمين؟
بسم الله الرحمن الرحيم "إنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" صدق الله العظيم

مع جزيل الشكر للصديق محمد غالية، وأرجو معذرته لتأخري في الرد.

هناك 10 تعليقات:

أمل حمدي يقول...

السؤال الثانى عشر: إذا شعرت بالحزن ماذا تفعل؟
إذا شعرت بالحزن أصمت وأميل للابتعاد عن الآخرين، حتى أتجنب أكثر سؤال أكرهه في حياتي: ماذا بك؟، وتتردد بداخلي الآية الكريمة: "ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا".

اجاباتك جميلةو احس بصدقها مع النفس

ربنا يصلح حالك ويرزقك السعادة في الدنيا والاخرة

اللهم امين

سلام

كـــيــــــــارا يقول...

اجاباتك جميله اووووووووووووووي

وبينت اد ايه احساسك ومشاعرك

اقصوصه يقول...

استمتعت بقراءة ردودك:)

mohamed ghalia يقول...

أختى العزيزة
أولا جميل قوى لتفصيلك لمفهوم الراحة ومفهوم السعادة
من أكثر اللحظات التي شعرت فيها بالسعادة بلا مبالغة كان يوم عيد ميلادي الذي مر منذ أيام، وكان ذلك بفضل أصدقاء مخلصين فاجأوني بحبهم واهتمامهم
جميل قوى انى الواحد يمتلك أصدقاء بالشكل ده
"الأمل كلمة كتبها الله على جبين كل إنسان
جميل قوى الكلام ده
"إنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ
حقيقى إجاباتك رائعة
واتعلمت منها كتير
ومتشكر جداااا على قبولك للتاج ده شرف ليا
تقبلى تحياتى
دمتى بود وفى سعادة

من غير عنـــوان يقول...

أجبت فأوفيت
كلام موزون ورائع
وإجابات شافية
وفقك الله تعالى


أمنياتي

الوردة البيضا يقول...

ماما أمولة
دايما منوراني، وربنا يصلح حالنا جميعا يا رب ويرزقنا السعادة في الدنيا والآخرة.
أشوفك على خير

الوردة البيضا يقول...

كيارا
انت اللي جميلة والله
شرفتي ونورتي

الوردة البيضا يقول...

أقصوصة

انت اللي أسعدتني بمرورك

تحياتي

الوردة البيضا يقول...

محمد غالية
العفو يا باشا مرسي على اهتمامك انت وعلى اهداءك التاج الجميل ده ليا.

تمنياتي لك بمزيد من التوفيق

الوردة البيضا يقول...

من غير عنوان
أهلا بيك في مدونتي المتواضعة، شكرا على كلماتك الرقيقة.

ونرجو تكرار الزيارة